ختام النسخة الأولى من مدرسة ليبيا لحوكمة الإنترنت في طرابلس
في أجواء مليئة بالحماس والتفاعل، اختتمت فعاليات النسخة الأولى من مدرسة ليبيا لحوكمة الإنترنت، التي أُقيمت في العاصمة طرابلس بين 15 و17 سبتمبر. هذا الحدث الهام جاء كتتويج لسلسلة من اللقاءات التحضيرية عبر الإنترنت خلال شهر أغسطس، بتنظيم من مبادرة أنير وبالتعاون مع مجتمع الإنترنت في ليبيا. وقد شهدت الفعالية مشاركة نخبة من الخبراء المحليين والدوليين في مجالات التقنية وحوكمة الإنترنت، حيث تم تبادل المعرفة والخبرات بشكل مكثف، وأُتيحت الفرصة للمشاركين لبناء شبكة علاقات مهنية مع مجموعة من النشطاء التقنيين والمنظمات المحلية ذات الخبرة في قضايا الإنترنت.
على مدار الأيام الثلاثة، تم التطرق إلى موضوعات متنوعة، شملت تاريخ الإنترنت، مفهوم حوكمة الإنترنت، وأهميته في تعزيز الأمن السيبراني وحماية سيادة البيانات الوطنية. كما نوقشت قضايا حقوقية مهمة مثل حقوق ذوي الإعاقة والوصولية الرقمية، إضافة إلى النشاط الحقوقي الرقمي وقوانين الخصوصية وحماية البيانات في منطقة شمال أفريقيا وغرب آسيا.
آراء المشاركين: بين مشجّعٍ وممتن
ومن بين المشاركين، وصف العديد منهم تجربتهم بالتدريب بأنها فرصة نادرة للتعلم. يقول المتدرب عبد القادر شهلول، الناشط في مجال تقنية المعلومات: "أكثر الموضوعات المهمة المطروحة في التدريب والتي أرغب في التركيز عليها منذ الآن هي حماية البيانات والأمن السيبراني، قد نعتقد بأنها أمور غير مهمة وأنّ بياناتنا عادية ولكن بعضها هي معلومات حساسة وقد تعتبر أمن قومي للدولة. وأنصح الجميع لاستغلال هذه الفرصة لأنها تفتح أبواب جديدة للتعلم عن حوكمة الإنترنت التي يتوجه لها العصر ويجب أن نواكبها في ليبيا. "
في المقابل، سليمة يونس، عضو هيئة التدريس، أعربت عن سعادتها بالمشاركة في الفعالية، قائلة: "كمستخدم للإنترنت تعرفت على مفاهيم جديدة من بداية التدريب وأصبحت أبحث أكثر على الإنترنت لتوسيع هذه المفاهيم وأنصح أي شخص لديه اهتمام بالتسجيل في الفرص القادمة للتعرف على تاريخ الإنترنت وحوكمة الإنترنت وأساسياته."
مدارس حوكمة الإنترنت العالمية لأوّل مرة في ليبيا
مدرسة ليبيا لحوكمة الإنترنت تسعى إلى بناء قدرات المجتمع التقني في ليبيا وتحفيز جيل من القادة المحترفين القادرين على المشاركة بفعالية في النقاشات حول قضايا الإنترنت. في هذا السياق، قدمت المدرسة عروضاً حول مؤسسات عالمية مثل منتدى حوكمة الإنترنت وICANN وجمعية مجتمع الإنترنت العالمية، لتشجيع المشاركين على الانخراط في المؤتمرات الدولية المتعلقة بحوكمة الإنترنت.
على المستوى العالمي، تشهد برامج مدارس حوكمة الإنترنت انتشارا واسعا حيث توجد اليوم أكثر من 20 مدرسة مماثلة حول العالم. وتهدف هذه البرامج إلى تطوير قدرات إدارة الإنترنت على المستويين المحلي والدولي.
البرنامج التدريبي الذي انطلق في يوليو وامتد على مدار 40 ساعة تعليمية، شمل جلسات افتراضية عبر الويب وورش عمل تفاعلية، حيث جمع مشاركين من مختلف المدن الليبية مثل بنغازي، طبرق، سرت، مصراتة، وطرابلس. وقد تخلل التدريب أنشطة تفاعلية وفرص للتشبيك بين المشاركين وعروض متخصصة قدمها خبراء محليون ودوليون.
وفي هذا الإطار، يشير أمجدبدر الشويهدي من مجتمع الإنترنت في ليبيا إلى أن "تأتي هذه المدرسة في جهود بناء القدرات المحلية للعمل على مساقات حوكمة الانترنت المختلفة، خاصة مع ازدياد الحاجة للعمل على خلق فضاء رقمي أكثر أماناً، بوجود سياسات تنظيمية واضحة تتماشى مع آمال وطموحات مستخدمي الانترنت في ليبيا."
من أجل جيل جديد من قادة مجتمع الإنترنت في ليبيا
في ختام النسخة الأولى من مدرسة ليبيا لحوكمة الإنترنت، يتجلى واضحاً أن هذه المبادرة كانت خطوة بالغة الأهمية في بناء القدرات التقنية وتعزيز فهم القضايا المتعلقة بإدارة الإنترنت في ليبيا. من خلال ورش العمل التفاعلية وجلسات تبادل الخبرات، استطاع المشاركون أن يتعرّفوا على أهمية العمل على بناء فضاء رقمي آمن ومتقدم يلبي تطلعات المجتمع ويواكب تغيرات التكنولوجيا.
ونحن نطمح إلى أن تكون هذه الانطلاقة لبرنامج مستمر يسهم في تطوير مجتمع الإنترنت في ليبيا. من خلال استمرار هذه الجهود، نهدف إلى خلق جيل جديد من المهنيين القادرين على المشاركة في النقاشات وصنع القرار في حوكمة الإنترنت بشكل يدعم التحول الرقمي الآمن والمستدام في ليبيا. وذلك لن يحدث إلا بالتعاون المستمر والتفاعل البناء مع شركاءنا وأصحاب المصلحة، سنسعى معا لتطوير بيئة رقمية تواكب تحديات العصر، وتؤسس لمجتمع إنترنت ليبي أكثر تفاعلاً وأماناً وتقدماً.